إعراب الآية : جملة "والله مخرج" اعتراضية بين جملتي "ادَّارأتم - قلنا". "ما" اسم موصول بمعنى الذي مفعول بـ "مخرج".
الألفاظ المشتركة في الآية الكريمة :
درأ
ء الدرء: الميل إلى أحد الجانبين، يقال: قومت درأه ودرأت عنه: دفعت عن جانبه، وفلان ذو تدرئ، أي: قوي على دفع أعدائه، ودارأته: دافعته. قال تعالى: (ويدرؤون بالحسنة السيئة( [الرعد/22]، وقال: (ويدرأ عنها العذاب( [النور/8]، وفي الحديث: (ادرءوا الحدود بالشبهات) (الحديث أخرجه الحارثي في مسند أبي حنيفة له عن ابن عباس مرفوعا، وأبو سعد السمعاني في ذيل تاريخ بغداد، وفي سنده من لا يعرف.وعند الترمذي عن عائشة قال رسول الله: (ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم) وفيه يزيد بن زياد ضعيف، وأخرجه الحاكم في المستدرك 4/384 وقال: صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي فقال يزيد بن زياد قال فيه النسائي: متروك. وعند الدارقطني عن علي رفعه: (ادرؤوا الحدود، ولا ينبغي للإمام أن يعطل الحدود) وفيه المختار بن نافع، قال البخاري: منكر الحديث. راجع الدارقطني 3/84؛ والبيهقي في السنن 8/38. فالحديث ضعيف وله عدة طرق تقويه. راجع الابتهاج بتخريج أحاديث المنهاج ص 264؛ والتلخيص الحبير 5674؛ وشرح السنة 10/330) تنبيها على تطلب حيلة يدفع بها الحد، قال تعالى: (قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت( [آل عمران/168]، وقوله: (فادارءتم فيها( [البقرة/72]، هو تفاعلتم، أصله: تدارأتم، فأريد منه الإدغام تخفيفا، وأبدل من التاء دال فسكن للإدغام فاجتلب لها ألف الوصل فحصل على افاعلتم. قال بعض الأدباء: ادارأتم افتعلتم، وغلط من أوجه:أولا: أن ادرأتم على ثمانية أحرف، وافتعلتم على سبعة أحرف.والثاني: أن الذي يلي ألف الوصل تاء، فجعلها دالا.والثالث: أن الذي يلي الثاني دال، فجعلها تاء.والرابع: أن الفعل الصحيح العين لا يكون ما بعد تاء الافتعال منه إلا متحركا، وقد جعله هاهنا ساكنا.والخامس: أن هاهنا قد دخل بين التاء والدال زائد. وفي افتعلت لا يدخل ذلك.والسادس: أنه أنزل الألف منزل العين، وليست بعين.السابع: أن افتعل قبله حرفان، وبعده حرفان، وادارأتم بعده ثلاثة أحرف.
تفسير الجلالين :
72 ء (وإذ قتلتم نفسا فادَّارأتم) فيه إدغام الدال في التاء أي تخاصمتم وتدافعتم (فيها والله مخرج) مظهر (ما كنتم تكتمون) من أمرها ، وهذا اعتراض وهو أول القصة
تفسير ابن كثير :
قال البخاري " فادارأتم فيها" اختلفتم وهكذا قال مجاهد فيما رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن أبي حذيفة عن شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال في قوله تعالى " وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها " اختلفتم وقال عطاء الخراساني والضحاك اختصمتم فيها وقال ابن جريج " وإذ قتلتم نفس فادارأتم فيها " قال : قال بعضهم أنتم قتلتموه وقال آخرون بل أنتم قتلتموه وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم " والله مخرج ما كنتم تكتمون " قال مجاهد ما تغيبون وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عمرة بن أسلم البصري حدثنا محمد بن الطفيل العبدي حدثنا صدقة بن رستم سمعت المسيب بن رافع يقول ما عمل رجل حسنة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله وما عمل رجل سيئة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله وتصديق ذلك في كلام الله " والله مخرج ما كنتم تكتمون ".
تفسير القرطبي :
هذا الكلام مقدم على أول القصة ، التقدير : وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها . فقال موسى : إن الله يأمركم بكذا . وهذا كقوله : " الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا . قيما " [ الكهف : 1 ء 2 ] أي أنزل على عبده قيما ، ولم يجعل له عوجا ، ومثله كثير ، وقد بيناه أول القصة . وفي سبب قتله قولان : أحدهما : لابنة له حسناء أحب أن يتزوجها ابن عمها فمنعه عمه ، فقتله وحمله من قريته إلى قرية أخرى فألقاه هناك . وقيل : ألقاه بين قريتين . الثاني : قتله طلبا لميراثه ، فإنه كان فقيرا وادعى قتله على بعض الأسباط . قال عكرمة : كان لبني إسرائيل مسجد له اثنا عشر بابا لكل باب قوم يدخلون منه ، فوجدوا قتيلا في سبط من الأسباط ، فادعى هؤلاء على هؤلاء ، وادعى هؤلاء على هؤلاء ، ثم أتوا موسى يختصمون إليه فقال : " إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة " [ البقرة : 67 ] الآية . ومعنى " ادارأتم " [ البقرة : 72 ] الآية . ومعنى " ادارأتم " : اختلفتم وتنازعتم ، قاله مجاهد . وأصله تدارأتم ثم أدغمت التاء في الدال ، ولا يجوز الابتداء بالمدغم ؛ لأنه ساكن فزيد ألف الوصل . " والله مخرج " ابتداء وخبر . " ما كنتم " في موضع نصب بـ " مخرج " ، ويجوز حذف التنوين على الإضافة . " تكتمون " جملة في موضع خبر كان والعائد محذوف التقدير تكتمونه . وعلى القول بأنه قتله طلبا لميراثه لم يرث قاتل عمد من حينئذ ، قاله عبيدة السلماني . قال ابن عباس : قتل هذا الرجل عمه ليرثه . قال ابن عطية : وبمثله جاء شرعنا . وحكى مالك رحمه الله في " موطئه " أن قصة أحيحة بن الجلاح في عمه هي كانت سبب ألا يرث قاتل ، ثم ثبت ذلك الإسلام كما ثبت كثيرا من نوازل الجاهلية . ولا خلاف بين العلماء أنه لا يرث قاتل العمد من الدية ولا من المال ، إلا فرقة شذت عن الجمهور كلهم أهل بدع . ويرث قاتل الخطأ من المال ولا يرث من الدية في قول مالك والأوزاعي وأبي ثور والشافعي ؛ لأنه لا يتهم على أنه قتله ليرثه ويأخذ ماله . وقال سفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه ، والشافعي في قول له آخر : لا يرث القاتل عمدا ولا خطأ شيئا من المال ولا من الدية . وهو قول شريح وطاوس والشعبي والنخعي . ورواه الشعبي عن عمر وعلي وزيد قالوا : لا يرث القاتل عمدا ولا خطأ شيئا . وروي عن مجاهد القولان جميعا . وقالت طائفة من البصريين : يرث قاتل الخطأ من الدية ومن المال جميعا ، حكاه أبو عمر . وقول مالك أصح ، على ما يأتي بيانه في آية المواريث إن شاء الله تعالى .
هذا كان تفسير الاية الشريفة