بإسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، إخواني اخواتي في الله السلام عليكم، اما بعد ..
في ديننا او في اي دين موجود حاليا توجد الكثير من الاسرار الباطنية التي لا نستوعبها للوهلة الأولى .. لذالك امرنا بها دون فهم كامل شرحها، فمثلا، الزكات امرنا بها سواء كنا فقهاء دين او ناس عاديين، فالفقيه يخرج الزكات وهو يعلم غايتها مستوعبا فوائد الزكات فقهيا، اما الشخص العادي فهو يطيع الله في اوامره دون معرفت السببية ..
كمثال آخر، في الصلاة، هناك الركوع والسجود، فنحن نسجد ونركع دون معرفة الفرق بينهما، مع ذالك فنحن نطبق الأوامر التي امرنا الله بها ..
والقرآن الكريم، اعظم كتاب مرة في تاريخ البشرية بل هو اعظم كتاب في الزمان والمكان، فهو ايضا مليء بالاسرار، فمعنى السر هو ما خفي عن اغلب الناس من علم، اي علم الأقلية، وهذا ما وضحه الله سبحانه وتبارك في الاية الكريمة : " وما اوتيتم من العلم الا قليلا "
ومعنى الآية هنا ان الله سبحانه آتانا علم، وهذا العلم قليل، وعلينا نحن ان نجتهد حتى نصل الى علم كثير، وأقول بالله التوفيق ان القرآن الكريم فيه قليل جميع العلوم وليس كثير جميع العلوم، وجدور العلم اهم من فروعه، لأن نقطة الإنطلاق يجب ان تكون صائبة حتى نسير في درب سليم ذو قواعد علمية سليمة ...
اما المقلقلات الثلاث فهي بعد ان اعود بالله من الشيطان الرجيم، بإسم الله الرحمن الرحيم :
قل هو الله احد
قل اعود برب الفلق
قل اعود برب الناس
فهي كلها سور تبدأ ب"قل" لذالك سميت بالمقلقلات الثلاث ..
فعند قراءت السور كل واحدة على حداها فكأنك تأمر شخص ما بأن يقول شيء .. فإذا قلت لك مثلا "قل السماء زرقاء" فستجيب وتقول "السماء زرقاء" .. فأنا امرتك بقول، فأنت إستجبت لأمري فقلت ما امرتك به ..
فقد يقول قائل مثلا ان الله سبحانه امرنا ان نقول فقط " اعود برب الناس" دون "قل اعود برب الناس" لأن الأمر هنا اتى بالقول ..
فنقول له هذا كلام رب، فلو كانت السورة تبدأ ب"قل اعود برب الناس" فيمكن ان نبدأ السورة بما بعد لفظ "قل"، لكن السورة هنا بدأت ب "بإسم الله الرحمن الرحيم قل اعود برب الناس" وفي هذه الحالة لا يمكن لنا حدف لفظ "قل" من وسط السورة لأن هذا يعتبر تحريف.
فبما أن الله سبحانه وتعالى بدأ السورة بالبسملة واتبعها ب"قل" فكأنه ينبهنا على ان قراءت هذه السورة او اي سورة من المقلقلات الثلاث سيكون قارأها آمرا لشيء، وهذا الشيء سيكون مطيعا وشاهدا على ما امر به، وكلنا يعلم ان لكل بني آدم قرينين "رقيب وعتيد" كما اشار اليه ربنا سبحانه وتبارك، فالقرين الأول ملك والآخر جن شيطان، وهذا الآخر له سلطان خفيف على صاحبه، فهو مصدر هفوات بني آدم، فمهما كان الحال فهو جن، والجن يبقى حاله قابل للتغير نسبيا على مستوى الوظيفة، لذالك فأنت عندما تقول "قل هو الله احد" فأنت تأمر ما بحالك من جن سواء عمار مكان او جن عابر او جن قرين ان يقولوا هو الله احد، وتأمر روحانيتك وما بحالك من روحانيات بأن يقولوا هو الله احد، وفي نفس الوقت انت تطيع الله في امره ان تقرأ السورة.
فالمقلقلات الثلاث عند قرأتها سواء في صلاة او دعاء او في خدمة فإنك تأمر بالقول ما لا يمكن لك ان تتخيله من مخلوقات، فيزداد ايمانهم واجرهم ..
اقول قولي هذا وشكرا على حسن الإنتباه والسلام عليكم